سورة آل عمران - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (آل عمران)


        


قوله تعالى: {إن الذين يكفرون بآيات الله} قال أبو سليمان الدمشقي: عنى بذلك اليهود والنصارى. قال ابن عباس: والمراد بآيات الله محمد والقرآن. وقد تقدم في البقرة شرح قتلهم الأنبياء، والقسط، والعدل. وقرأ الجمهور {ويقتلون الذين يأمرون بالقسط} وقرأ حمزة {ويقاتلون} بألف. وروى أبو عبيدة بن الجراح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبياً من أول النهار في ساعة واحدة، فقام مائة واثنا عشر رجلاً من عبَّاد بني اسرائيل، فأمروا من قتلهم بالمعروف، ونهوهم عن المنكر، فقتلوا جميعاً في آخر النهار، فهم الذين ذكرهم الله في كتابه» وأنزل الآية فيهم. وإنما وبخ بهذا اليهود الذين كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم تولوا أولئك، ورضوا بفعلهم {فبشرهم} بمعنى: أخبرهم، وقد تقدم شرحه في البقرة ومعنى حبطت: بطلت.


قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب} في سبب نزولها أربعة أقوال. أحدها: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيت المدراس على جماعة من اليهود، فدعاهم إلى الله فقال رجلان منهم: على أي دين أنت؟ فقال على ملة إبراهيم، قالا: فإنه كان يهودياً. قال: فهلموا إلى التوراة، فأبيا عليه، فنزلت هذه الآية. رواه سعيد بن جبير، عن ابن عباس. والثاني: أن رجلاً من اليهود، وامرأة زنيا، فكرهوا رجمهما لشرفهما، فرفعوا أمرهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم، رجاء أن يكون عنده رخصة، فحكم عليها بالرجم، فقالوا: جرْت علينا يا محمد، ليس علينا الرجم. فقال: بيني وبينكم التوراة، فجاء ابن صوريا، فقرأ من التوراة، فلما أتى على آية الرجم، وضع كفه عليها، وقرأ ما بعدها، فقال ابن سلام: قد جاوزها، ثم قام، فقرأها، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، باليهوديِّين، فرجما، فغضب اليهود. فنزلت هذه الآية. رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا اليهود إلى الإسلام، فقال: نعمان بن أبي أوفى: هلم نحاكمك إلى الأحبار. فقال: بل إلى كتاب الله، فقال: بل إلى الأحبار، فنزلت هذه الآية، قاله السدي. والرابع: أنها نزلت في جماعة من اليهود، دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، فقالوا: نحن أحق بالهدى منك، وما أرسل الله نبياً إلا من بني اسرائيل. قال: فأخرجوا التوراة، فإني مكتوب فيها أني نبي، فأبوا، فنزلت هذه الآية، قاله مقاتل بن سليمان.
فأما التفسير: فالنصيب الذي أوتوه: العلم الذي علموه من التوراة. وفي الكتاب الذي دعوا إليه قولان. أحدهما: أنه التوراة، رواه عكرمة، عن ابن عباس، وهو قول الأكثرين. والثاني: أنه القرآن، رواه أبو صالح، عن ابن عباس، وهو قول الحسن، وقتادة. وفي الذي أريد أن يحكم الكتاب بينهم فيه أربعة أقوال. أحدها: ملة إبراهيم. والثاني: حد الزنى. رويا عن ابن عباس. والثالث: صحة دين الإسلام، قاله السدي. والرابع: صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، قاله مقاتل. فان قيل: التولي هو الإعراض، فما فائدة تكريره؟ فالجواب من أربعة أوجه. أحدها: التأكيد. والثاني: أن يكون المعنى: يتولون عن الداعي، ويعرضون عما دعا إليه. والثالث: يتولون بأبدانهم، ويعرضون عن الحق بقلوبهم. والرابع: أن يكون الذين تولوا علماءهم، والذين أعرضوا أتباعهم، قاله ابن الأنباري.


قوله تعالى: {ذلك بأنهم قالوا} يعني: الذي حملهم على التولي والإعراض أنهم قالوا: {لن تمسنا النار إِلا أياماً معدودات} وقد ذكرناها في البقرة. و{يفترون} يختلقون وفي الذي اختلقوه قولان. أحدهما: أنه قولهم: لن تمسنا النار إلا أياماً معدودات، قاله مجاهد، والزجاج. والثاني: قولهم نحن أبناء الله وأحباؤه، قاله قتادة: ومقاتل.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9